لنتفق في البداية أن نظرية الألوان لا تهتم بالألوان فقط


أتفقنا؟

بسم الله الرحمن الرحيم
نظرية الألوان لا تتحدث فقط عن ما نسميه الأحمر والأخضر
ولأن الإنقليزية أكثر اللغات حياة اليوم، فيوجد لديهم مصطلح مختلف وأكثر دقة يصفون به اللون وهو كلمة
Hue
فالـ(هيو) هو اللون المجرد كما تعرفه عزيزي القارئ المصمم في الصورة أدناه
أما كلمة
Color
فهي تصف اللون بتصنيف أدق كما في قولهم
Navy Blue
وربما أراجع هذه المعلومة لاحقًا

=)

فلنرجع إلى نظرية الألوان ونفهم ما تتعامل معها
تهتم النظرية بأربعة عناصر
التباين
والأشكال
والهيو أو اللون
والحركة​​​​​​​
.
.
-التمرين الأول-
تخيل عزيزي القارئ وجود لوحة سوداء تمامًا
 ولا تحمل سوى نقطة بيضاء
أين سترى أولًا؟
شكرًا
.
.
-التمرين الثاني-
تخيل عزيزي القارئ وجود لوحة بيضاء رسم عليها أحد الأطفال الشمس
أرجو أن مخيّلتك ذهبت إلى دائرة صفراء وحولها خطوط تتجه إلى وسط الشمس
أين سترى أولًا؟
شكرًا
.
.
-التمرين الثالث-
تخيل عزيزي القارئ صورةً بلا معالم واضحة
سوى وجود علبة كوكا كولا حمراء
أين سترى أولًا؟
شكرًا
.
.
-التمرين الرابع-
تخيل عزيزي القارئ مشهدًا لطبيعة خلابة قد تكون واديًا بين جبال الألب
وتوجد بقرة سعيدة تمضغ العشب
أين سترى أولًا؟
شكرًا
.
.
فهم النظرية وطريقة رؤية عين الإنسان للأشياء يساعدك في إدراك التوزيع المناسب للعناصر آنفة الذكر
فتعرف أن الصورة التي تنمّقها تحتاج إلى تخفيف السطوع في الزاوية غير المهمة
وربما إضافة المزيد من التشبع اللوني على العنصر البطل في التصميم
وربما استخدام عناصر خفية كأسهم غير صريحة تؤشّر على البطل
أو إضافة حركة تشابه نبض القلب على العنصر الذي تتمنى أن يشاهده العميل

بل قد نضطر لحذف وتخفيف وتعديل العناصر الزائدة التي تزيد التشويش

إدراكك لهذه المبادئ ضروري للغاية
واستعمالها بطريقة مميزة وفريدة هو مربط الفرس
لأننا كمصممين لا نستطيع ترقيم عناصر كما يحلو لنا
بل نمارس الخداع الخفي مرارًا وتكرارًا
.
.
فالمصمم هو مرشد سياحي في التصميم
يجب أن يتحكم بعين المتلقّي ويضع له اللوحات الإرشادية الخفيّة التي تسهل حياته
ففي عالم التسويق لا نملك سوى ثوانٍ يسيرة جدًا جدًا لجذب عين المستهلك

فالتصميم المطبوع في الشوارع والمعروض على الشاشات
يجب أن يكون سهل القراءة جدًا جدًا لقائد السيارة المشغول بالطريق كما آمل
.
.
 وأتمنى أن يكون تصميمك رائعًا بحيث يرى المستهلك العنصر البصري الذي قمت بتركيبه أو رسمه وربما استعرته من شتر ستوك
ثم يرى الهيدلاين ثانيًا
ثم يرى البودي كوبي ثالثًا
ثم يرى الشعار رابعًا
ثم يرى أيقونات السوشل ميديا خامسًا وهكذا

وربما يكون الهدف الأساسي عند العميل من التصميم هو رفع الوعي بالبراند
لأن البريف كان مخروشًا
فيضطر الأكاونت مانجر آسفًا أن يهمس عبارته الشهيرة.. "العميل يقول

"كبّر الشعار


لاحظ عزيزي القارئ أني اخترت تكبير عبارة (كبر الشعار) فقط
 ولم أختر تكبير العبارة كاملة لأن الهدف الكوميدي هو ذم العميل الشرير

ولكن لو اخترت تكبير العبارة كاملة (العميل يقول كبر الشعار) فهذا يوحي بأن المشكلة في من قال العبارة

وهذا استخدام شاطح للنظرية تنزّل عليّ لحظة الكتابة
ولكنه استخدام صحيح يخدم هدفي من الكتابة الذي يعتبر أيضًا أحد أنواع التصميم
.
.
ومن الخدع التي يستخدمها معظم المصممين
أنهم يضعون ضوءًا من مصدر مجهول خلف العنصر المراد التركيز عليه
لأن زيادة الضوء خلف عنصر غامق يزيد التباين
 والتباين كما أسلفنا يجذب العين بطبيعة الإنسان

في النهاية
أنت كمصمم تستعمل نظرية الألوان شئت أم أبيت
فاستعملها استعمالا جيدًا ليصبح تصميمك مريحًا سهل الانقياد للعين
 فيصبح لوحة موسيقية ذات إيقاع سلس
لكي تبيع الأفكار والأشياء باهظة الثمن بيسر وسهولة
.
.
 ولربما عدت عزيزي القارئ لاحقًا إلى هذه المقالة على غفلة من أمرك ووجدت صعوبة يسيرة في بدء القراءة كما حصل لي
لوجود تلك الألوان الساطعة تغوي عينك للنظر إليها بدلًا من إيجاد بداية المقال بسهولة
وهذا أمر عارض غير مقصود انتبهت إليه لاحقًا وتركته درسًا لي ولك
Back to Top