
عزيزي القارئ
كيف حالك؟
يتضح لك ولعي بالعربية من خلال رشاقة حروفي بشهادة إحداهنّ
ولكن
اللغات البشرية المنطوقة كائنات حية تولد وتنمو وتموت
والعربية رغم مكانتها في قلبي وفي التاريخ البشري
لا تسلم من أمراض تعيق تقدمها وتطورها
وهذا ليس موضوعنا
-تمرين مفاجئ-
لو وضعت رأس القلم على ورقة ومشيت به إلى مكان آخر على الورقة
ما اسم هذا الشيء؟
شكرًا
لو كتبت (بسم الله الرحمن الرحيم) كتابةً منمّقةً مزخرفة
ما اسم هذا الشيء؟
شكرًا
لو رسم أحدُهم بالبخاخ على جدار أحدِهم.. مستأذنًا أم غير مستأذن.. رسمًا ملوّنًا معقّدًا مكوّنا من الكلمات
ما اسم هذا الشيء؟
شكرًا
لو صمم أحدهم حروفًا في الكمبيوتر وبرمجها لكي تظهر بعد الضغط على الكيبورد
ما اسم هذا الشيء؟
شكرًا
هذه الأشياء في العربية نسميها الخط على اختلاف طبيعتها
أما بالإنقليزية لكل واحد منها اسم خاص به يميّزه عن الآخر
فالأول يسمى
Line
والثاني
Calligraphy
والثالث
Grafitti
والرابع
Typography
.
.
وموضوع هذا المقال هو التايبوقرافي المكتوبة بحرف القاف المنطوقة كالقيف كما تتوقع مني الآن
تاريخ التايبوقرافي العربي ليس رائعًا كما هو الكاليقرافي
لأن التايبوقرافي أمر طارئ حديثًا على تاريخ الكتابة والحروف
فكانت الكتب لا تنسخ إلا يسيرًا وغالبًا بأمر خليفة المسلمين أو أحد تجارهم
لأنها عملية يدوية تتطلب مهارة يندر وجودها
فكل كتاب تقرأه في العصر العباسي وقبله وبعده
نسخه كاتب بيده اليمين أو اليسار حرفًا حرفًا
حتى جاءت فكرة نسخ الكتب آليًا.. التي يقال أنها بدأت في الصين في القرن التاسع الميلادي
ولكن الاختراع الأهم جاء في ألمانيا عبر نقش الحروف اللاتينية على الرصاص
ورصفها في صندوق خشبي على شكل الصفحة تمامًا وطبعها على صفحة الكتاب كما تطبع الختم الخاص بك عزيزي القارئ
وهذا قد يفسر براعة الألمان ومن حولهم بتصميم الخطوط الطباعية حتى العصر الحالي
هذه العملية تتضمن وضع قطع الرصاص بترتيب الحروف المطلوب نسخها
وقطع أخرى فارغة بين السطور
وهذه العملية ما زالت تسمى
Leading - لِدِنق
التي تعني المسافة بين السطور
فكل ما زادت تلك القطع الرصاصية زادت المسافة بين السطور
.
.
يقولون أن الدولة العثمانية حاربت وربما حرم عدد من علمائها فكرة اختراع نسخ الكتب
وهذا رأي مثير للجدل ولا يُعقل حقيقةً وربما أجد ذاك المقال الذي يوضح ما التبس علينا
ولكن في واقع الأمر أن العربية عانت الأمرّين حتى انضبطت حروفها في هذا الاختراع لسبب جليّ ولا يخفى عليك عزيزي القارئ
ألا وهو تشابك حروفها وكثرة وتعدد أشكالها حسب موضعها في الكلمة
لدرجة أن أحدهم اقترح مشكورًا مأجورًا رغم خلافي الشديد مع ما توصل إليه
أن نضرب بإملاء اللغة عرض الحائط ونتبع الخواجات شبرًا بشبر
وننسى أن الحروف العربية متصلة ومتشابكة ولها أشكال متنوعة ومتعددة
ونكتفي برسم واحد فقط للحروف لكي يسهل التعامل معها لأجل هذا الاختراع الجديد
ومن لطف الله أن اخترع أحدهم الكمبيوتر وأنقذنا من هذه المأساة
وتستطيع عزيزي القارئ أن تتطلع على شكل هذا الخط وطريقة كتابته من خلال زيارة الموقع التالي:
حيث صمموا هذا الاقتراح كخط طباعي تستطيع شراءه واستخدامه للتسلية وشكر النعمة
.
.
يقول العرب أن الكتب تؤلف في مصر
وتطبع في لبنان
وتقرأ في العراق
وربما فاز اللبنانيون بما فاز به الألمان
حيث استقبلوا هذا الاختراع الحديث بالأحضان وطوروا الخط العربي ليعمل بلا مشاكل
فأصبحت لبنان عاصمة للخط الطباعي العربي
رغم كون الخط العربي الطباعي بدأ من الخواجات لأنهم أوجدوا لنا الحلول التقنية التصميمية لمشاكلنا العربية
نعم... أرجوك... شاركني الدهشة للحظات...........